الاديب المصري جمعة حبالي عطية رواية (رحيل بلا وداع) للشاعر محمد الطنجاوي

أحمد المرابط
يواصل الناقد المصري والكاتب الكبير الأستاذ جمعة جبالي عطية نقده الأدبي في رواية للشاعر والكاتب الطنجاوي المتميز الأستاذ محمد الخرباش وهذا نص ما جاء في نقده الأخير تحت عنوان ( نرفع القبعة للآباء ) وقد استقر الناقد المصري في مؤلف رواية ( رحيل بلاوداع ) في خانة ( مولاي أحمد) دون ما يلي من النادر ان نجد في الساحة الأدبية المعاصرة روايات تمجد دور الأب،بل ان العديد من الاصدارات اظهرت الاب بصورة باهتة كما هو الامر مع الرواية الكورية ارجوك اعتني بامي في حين ذهبت بعض الروايات الى تسليط الضوء على الاب واظهاره بأحقر صوره يمكن ان يلبسها.كما هو الحال في رواية تركوا بابا يعود ناهيك عن بعض الكتابات التي تنتمي الى ادب الصعاليك والتي كان يسب ويلعن فيها بعض الكتاب أبائهم !!! – على عكس هذا التوجه تأتي رواية ذ محمد الخرباش (رحيل بلا وداع) لتشكل قطيعة مع هدا التوجه و لتحتفي بالأب من بدايتها حتى نهايتها، إن لم نقل من الغلاف والعنوان والاهداء (الذي هو دعوة للترحم )حتى اخر صفحة فيها إلى درجة القول أن شخصية الأب في الرواية هي من تحرك خيوط السرد وتتحكم فيها.وهكذا تظهر شخصية مولاي احمد كشخصية رئيسية في الرواية باعتبارها ابرز من القوى الفاعلة فيها والتي تتراجع كل شخوص الرواية امامها لتصبح هذه الشخصيةمثالية ومن خلال خلال قراءتنا السيكولوجية للرواية حاولنا إبراز مواطن انعكاس لا وعي الكاتب فيها، بحيث نجد ان الأب كان حاضرًا في أغلب فصول الرواية لدرجة ان أحد فصولها سمي باسمه (مولاي احمد ) ويا حبذا لو تحدى الكاتب نفسه واطلق على هذا العمل الرائع اسم (مولاي أحمد ) – ويصف الكاتب والده بدقة ولغة جميلة فيقول – (مثل نسمة رقيقة تهب علينا جميعا، فتنعش الأرواح، وتريح الأفئدة ارتبط الجميع بالوالد صغارًا وكبارًا، فكانوا ينتظرون، بل ويطلبون حضور”سيدي أحمد” لزيارتهم؛ حيث إنه ورغم كِبَرِ سنِّه كان يتمتع بحسٍّ طفوليٍّ، وطاقةٍ إيجابيةٍ، فينزل بمستوى تفكيره إلى الطفل الصغير، فيهشُّ له، ويتجاوب معه، ويمازحه، ويلاعبه حتى يأنس إليه..) – و يقول الكاتب في فقرة تلمس كيان الابناء قبل الاباء – (إن مجرد الخروج مع الوالد دواءٌ للنفس، وراحة من كل الضغوطات؛ فهو يتخلص من السلطة الأبوية، ويطلق العنان لنفسه بكلّ تلقائية) – و تسمية هذا الفصل بمولاي احمد جعلني ابحث عن المعنى الثقافي لكلمة (مولاي )بالمغرب لأخلص في الاخير وبعد بحث مستفيظ عن معاني هذه الكلمة في الارث الثقافي المغربي انها تطلق من باب الاحترام و التقدير و الاعتراف بالشخص ومعزته و قربه للقلوب ولا علاقة لها تماما بالمعنى السيادي الذي قد يرواد البعض بحيث يظننون انها تنطق من الضعيف اتجاه الاقوى بل انها في بلاد المغرب تنطق من المعز الى العزير ومن المحب الى الحبيب وهكذا يطلق الاخ الاصغر هذه الكلمة على اخيه الاكبر احتراما ومحبة له ليس اكثر . – وما لفت انتباهي في الرواية، امتلاك الروائي لناصية اللغة، وقدرته على تشكيلها كما يشاء . فجاءت اللغة فصحى وواضحة، وطعمها ببعض الأشعار والكلمات العامية القليلةويستعد الان الناقد المغربي المتميز الستاذ عبد الرحمان الصوفي القيام بإعداد دراسة نقدية عن رواية ( رحيل بلا وداع للكاتب المتميز والشاعر والروائي الأستاذ محمد الخرباش..
