الزواج و الصيف …بين الفرح و التحديات..

تكثر الحفلات والأعراس، وتتعدد مظاھر البھجة والفرحة إثر اجتماع أفراد الأسر والعائلات خلال فصل الصيف حیث تساعد ظروف الجو الصحو واللیل الطویل على السماح بإقامة الحفلات والسھر لأولى ساعات الصباح .
و لكن إلى متى تسطع شمس العلاقة بعد انتھاء الحفل وانقضاء أیام العسل؟
و ھل یصمد الزواج الذي أعلن في الصیف لیتحمل برد الروتین وتقلب العواطف ؟
إن الغالبیة العظمى من الشباب الذین یقدمون على الزواج یجھلون حقیقة وماھیة ھذا الإرتباط المتین الذي یسمى بالمیثاق الغلیظ، ویقبلون على تبادل عھود المحبة والوفاء دون استبصار حقیقي بالمسؤولیة الجسیمة التي تترتب عن ھذا الإرتباط
ودون إدراك واع لما یترتب عن ذلك من حقوق وواجبات شرعیة وأخلاقیة وعرفیة،
إذ أن الزواج حالیا تحكمه بالإضافة إلى الضوابط الشرعیة والقانونیة محددات أخرى تطغى علیھا الأعراف والموروثات الإجتماعیة المغلوطة، والعدید من الصور
النمطیة السلبیة التي تھدم السعادة التي طالما حلم بھا الشاب والبنت على حد سواء.
إن الغایة من ھذا المقال ھي تسلیط الضوء على الھفوات والأخطاء التي یقع فیھا الشباب حالیا، وذلك من أجل منحھم رصیدا معرفیا یمكنھم من الإختیار الصحیح ومن الإلتزام الحقیقي المسؤول الذي یتوافق وھذا القرار المصیري .
وأول شيء یجب الإنتباه له ھو عدم الإستغراق في التحضیرات الباهظة للحفل واستنزاف المال والجھد الذي سیحتاجه الزوجان لاحقا لیبنوا أسس علاقة متینة تدوم وتنتج
أطفالا متوازنین ومسؤولین, فالإتفاق على الأولویات الحیاتیة والقیم المشتركة أھم
بكثیر من التفكیر في تفاصیل الحفل.
ثاني أھم شيء ھو إدراك أن شریك الحیاة ھو إنسان مختلف عني، وبالتالي یجب
معرفة أوجه ھذا الإختلاف ونقاط الضعف التي لا یسلم منھا أحد من أجل عدم التفاجئ لاحقا حین تحط الأقنعة بإنسان غریب لا یشبه ذاك الشخص الأول.
ثالث شيء ھو المصارحة اللطیفة والحكیمة وعدم الكذب على الآخر فقط من أجل إرضائه ،فما یبنى على الصراحة یدوم ویكتمل، وما یبنى على الزیف والكذب ینكسر في أول رجة.
رابع شيء أختم به ھو أن یضع الشباب نصب عینیھم أن الإنسان یرتبط بالآخر من أجل أن یساعد كل منھما الآخر على مواجھة الحیاة وتجاوز صعابھا، ولیس من أجل أن یكون عبئا إضافیا. فبعیدا عن التوقعات والإنتظارات الحالمة، یجب ألا ننسى أن الحیاة صعبة، وأننا ندخل في شراكات سواء زواج أو غیرھا من أجل أن نكون دعما وسندا لبعض، ومن أجل أن نكون أكثر عزة، وأكثر قوة.
ھناك الكثیر مما یقال في ھذا الموضوع, واللبیب ھو الذي یرتبط عن فھم ووعي وإدراك وبتجرد عن كل الأعراف والتقالید المغلوطة والمدمرة, ولا یمكن اكتساب ھذا الوعي وھذا الفھم إن عن طریق التقصي والبحث والمعرفة.
سناء الشعباوي
استشارية نفسية و تربوية و باحثة في علم النفس
