المهرجان الدولي السابع لفنون السيرك بمشاركة عالمية بخريبكة

المهرجان الدولي السابع لفنون السيرك بمشاركة عالمية بخريبكة
خريبكة: سعيد العيدي
تستضيف مدينة خريبكة، فعاليات الدورة السابعة من المهرجان الدولي لفنون السيرك، الذي تنظمه جمعية البهلوان ماركو للتربية والثقافة، يومي 5 و6 دجنبر 2025 بالمركب الثقافي خريبكة، بمشاركة دولية وازنة.
تندرج هذه التظاهرة الفنية الدولية، التي تقام بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، في إطار سلسلة المبادرات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز الإشعاع الفني للمغرب وإبراز مكانة خريبكة كمنصة دولية لفنون السيرك.
ستتميز هذه الدورة، بمشاركة نخبة من الفنانين والفرق القادمة من كولومبيا وأوكرانيا وروسيا وإسبانيا وإثيوبيا، إلى جانب مشاركة قوية لعدد من الفنانين المغاربة المحترفين في مختلف أصناف فنون السيرك، ما يبرز تنوع الفقرات، ورغبة من الجمعية المنظمة في جعل المهرجان واجهة للتبادل الثقافي بين المغرب وبقية دول العالم.
وكعادته، سينظم المهرجان مسابقة أحسن عرض سيرك، وهي المسابقة الرسمية التي يتنافس فيها الفنانون على الجائزة الكبرى، بهدف تشجيع الإبداع الفني وتحفيز المواهب على تطوير أساليب جديدة في الأداء الحركي والاستعراضي. وتعتبر هذه المسابقة من أبرز فقرات المهرجان وأكثرها انتظاراً من قبل الجمهور والمتخصصين.
وضمن فقرة الاعتراف والتكريم، سيتم بالمناسبة الاحتفاء بتجربة الفنان المغربي العالمي مصطفى الدنجر، الحاصل على شهادة غينيس للأرقام القياسية، والذي عاد مؤخراً إلى أرض الوطن بعد سنوات طويلة من العمل في الخارج رفقة كبريات شركات السيرك العالمية، من بينها سيرك مونتي كارلو الشهير.
وللتذكير فان الفنان مصطفى الدنجر قام بإدخال سيرك كامل إلى المغرب قادماً من إسبانيا، رفقة مجموعة من أبرز الفنانين العالميين، حيث يجوبون مختلف المدن المغربية حباً وشغفاً بهذا الفن العريق، ورغبةً في تقريبه أكثر من الجمهور المغربي.
ولا يكتفي المهرجان بعرض الفرجة الفنية، بل يتجاوز ذلك إلى تقديم رسالة اجتماعية واضحة، تقوم على تشجيع الشباب على الإقبال على الرياضة والفن كبديل إيجابي، والمساهمة في محاربة التدخين وتعاطي المخدرات، عبر توفير إطار تربوي وإبداعي يفتح أمامهم آفاقاً مهنية جديدة.
وقد ساهمت جمعية البهلوان ماركو، على مدى الدورات السابقة، في خلق فرص شغل وإقامة تكوينات في فنون السيرك لفائدة الشباب، مما جعلها من أبرز الفاعلين الثقافيين بالجهة، حيث تسعى عبر هذه التظاهرة تقديم نسخة تعكس التطور المستمر لهذا الحدث، وترسخ مكانته كموعد سنوي ينتظره عشاق فنون السيرك داخل المغرب وخارجه.
ولتوسيع دائرة التأثير الثقافي للفنون، وفي إطار تعزيز فقرات المهرجان الدولي السابع لفنون السيرك بخريبكة ستخصص ندوة فنية وماستر كلاص بالخزانة الوسائطية (م ش ف) على الساعة العاشرة والنصف صباحا، تنظيم ندوة فنية وفكرية بعنوان: “السيرك كمجال للمقاولة الثقافية وفرص الشغل للشباب”، سعيا منها لفتح النقاش حول الإمكانيات الواسعة التي يتيحها فن السيرك باعتباره قطاعًا ثقافيًا متطورًا وموردًا اقتصاديًا واعدًا بمشاركة نخبة من الباحثين في مجال الفن والسيرك، والمقاولات الثقافية، لمناقشة عدة محاور مرتبطة بسبل تحويل المواهب الفنية إلى مشاريع مهنية مستدامة، وإمكانات إدماج الشباب في سوق الشغل عبر مجالات الفن والرياضة، إضافة إلى تسليط الضوء على دور المقاولة الثقافية كقاطرة للتنمية المحلية.
وسيشارك في الندوة، التي سيسيرها الصحفي المصطفى الصوفي الباحث والأستاذ الجامعي الدكتور الحبيب النصيري، الذي سيسلط الضوء على أبعاد المقاولة الثقافية، وسياقات اشتغالها، وكيف يمكن لفنون السيرك أن تصبح نموذجًا تنمويًا قائمًا بذاته، قادرًا على خلق فرص للشباب وتمكينهم من كفاءات مهنية متنوعة، فضلا عن إجابته على عدد من الأسئلة التي تهم المجال.
كما تروم الندوة إبراز القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذا الفن، من خلال ربطه بسوق الشغل، وتقديم نماذج واقعية تثبت أن السيرك لم يعد مجرد عروض ترفيهية، بل تحول إلى صناعة قائمة على التكوين، والتدبير، والإدارة الفنية، والابتكار الثقافي، وكلها مجالات تفتح آفاقًا حقيقية أمام الشباب الباحثين عن مسارات مهنية جديدة.
وسيلي الندوة لقاء مفتوح ضمن فقرة “الماستر كلاص: احكِ لنا تجربتك”، وهي فقرة ينتظرها الجمهور بشغف لأنها تأتي لتقريب التجارب الدولية الرائدة في عالم السيرك من الحضور، وخصوصًا الشباب والمهتمين بالمجال. وسيكون من أبرز المشاركين في هذا الماستر كلاص الفنان العالمي بلال دياب، الذي جاب ولا يزال يجوب العالم رفقة فرقته المعروفة بتجربتها الميدانية الطويلة، حيث سيشارك الحضور قصته مع السيرك منذ بداياته الأولى إلى احترافه العالمي، متحدثًا عن التحديات التي واجهها، والفرص التي خلقها لنفسه من قلب هذا الفن.
ولن يكون بلال دياب وحده في هذا الفضاء التفاعلي، إذ سيشارك إلى جانبه فنانون آخرون من داخل وخارج المغرب، ممن صنعوا أسماءهم عبر جولات دولية وحضور قوي في العروض العالمية، وسيحكون للحضور مساراتهم المهنية، وكيف استطاعوا تحويل شغف الطفولة إلى مهنة وحياة كاملة.
وستكون هذه الشهادات منبراً لإلهام الشباب، ومنحهم رؤية واقعية عن كيفية الانخراط في هذا المجال الذي يجمع بين الإبداع والاحترافية.
ويهدف هذا اللقاء إلى تعزيز ثقافة المقاولة في المجال الفني، وتشجيع الشباب على اقتحام عالم السيرك من أبواب التكوين والإبداع والتسيير، مع إبراز النماذج الناجحة التي استطاعت تحويل الفن إلى مصدر دخل مستدام، ومجال عمل يضمن التطور المستمر.
إن هذه الندوة وفقرة الماستر كلاص تشكلان جزءًا أساسيًا من هوية المهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة، الذي يسعى إلى بناء جيل جديد من محترفي السيرك، قادر على خلق مبادرات ثقافية، وتطوير مشاريع فنية قائمة على الاحتراف، وتحويل الشغف إلى عمل، والإبداع إلى مستقبل.
وما يميز هذه الدورة السابعة وفي التفاتة إنسانية نبيلة، ارتأت جمعية البهلوان ماركو للتربية والثقافة بخريبكة، بشراكة مع إدارة المهرجان الدولي لفنون السيرك، أن تحمل الدورة السابعة لسنة 2025 اسم الفنان الراحل أحمد بولموس، تكريمًا لمساره الفني الحافل، ولروحه الطاهرة التي طبعت ذاكرة فنون السيرك بالمغرب.
ويُعدّ الفنان الراحل أحد الوجوه البارزة التي ارتبط اسمها بعالم السيرك، حيث عُرف بأخلاقه العالية، وطيبته، وتفانيه في العمل، وكان صديقًا مقرّبًا للجمعية وشارك معها في عدة عروض بمدينة خريبكة. كما شارك في عروض دولية مميزة خارج أرض الوطن، خاصة خلال فترة اشتغاله بإسبانيا ضمن أحد عروض السيرك بمدينة برشلونة، رفقة مجموعة شباب “أكرو”، إلى أن تدهورت حالته الصحية هناك.
لقد ترك الراحل أثرًا كبيرًا في نفوس كل من عرفه، حيث يشهد العديد من الشباب والفنانين أنه لم يكن يبخل يومًا في تقديم يد المساعدة، سواء في تدريب الناشئة أو توجيه المبتدئين أو دعم مبادرات الجمعيات الثقافية، وكان مثالًا للفنان المتواضع، المحب لعمله، والمؤمن برسالة الفن في نشر البهجة وصقل مواهب الشباب.
ووفاءً لمساره، سيسطع هذا العام اسم الفنان أحمد بولموس في سماء المهرجان الدولي لفنون السيرك بخريبكة، المقام يومي 5 و 6 دجنبر المقبل، حيث ستنظم لحظة اعتراف وامتنان بمشاركة عدد من الفنانين الذين كانت تربطهم به علاقة محبة وتقدير، للترحم على روحه الطيبة واستحضار بصماته الفنية.
كما وجهت الجمعية دعوة رسمية لعائلته الصغيرة لحضور فعاليات المهرجان، وسيُسلم لهم درع التكريم اعترافًا بما قدمه الراحل من عطاء وإسهامات في الرقي بفنون السيرك داخل المغرب وخارجه.
ويؤكد المنظمون أن هذا التكريم هو أقل ما يمكن تقديمه لاسم فني كبير أعطى الكثير لهذا المجال، وسيظل حاضرًا في ذاكرة كل من اشتغل معه أو عرفه عن قرب.




