منوعات

طنجة تحت الإسمنت: أبراج شاهقة تطمس وجه المدينة 

كتبه طنجة، المدينة التي طالما سُحِر بها الشعراء والرحّالة، تتحوّل شيئًا فشيئًا إلى نسخة باهتة من مدن الإسمنت . مشاريع عملاقة تنمو و تتكاثر على أطراف المدينة كما الشاطئ، تبتلع الأفق، وتغلق المجال البصري أمام المواطن البسيط الذي لم يعد يجد موطئ قدم له في مدينته.
ليس من المبالغة القول إن هذه المشاريع، رغم ترويجها بوصفها “تنموية”، تخدم فئة ضيقة من المستثمرين وذوي النفوذ، وتُقصي الآلاف من سكان المدينة عن حقهم في الاستمتاع بجمالية مدينتهم و بتاريخها و بشواطئهم، ومجالهم الطبيعي، الذي هو جزء لا يتجزأ من ذاكرتهم الجماعية وهويتهم الثقافية.
يتساءل الطنجاويون، وهم يرون الكثبان الرملية تُجتثّ، والمقاهي الشعبية تُهدم، والفضاءات الخضراء تُختزل في “مربعات هندسية ديكورية”: من المستفيد حقًا من هذه الطفرة العمرانية؟   وهل حق المواطن في سكن يليق بكرامته و فضاء عام مفتوح أقل أهمية من الحق في الربح العقاري؟
قد لا تكون المشكلة في التعمير بحد ذاته، بل في غياب رؤية متوازنة تضع الإنسان، والبيئة، والهوية المحلية في صلب عملية التخطيط. فطنجة ليست فقط موقعًا استثماريًا، بل مدينة لها روح، وتاريخ، وخصوصية تستحق أن تُصان.
إن واجهة طنجة البحرية ليست فقط مشهدًا طبيعيًا، بل هي مرآة لمكانة المواطن في مشروع مدينته: هل هو في القلب أم على الهامش؟ وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فقد نصحو ذات صباح لنجد البحر حبيس الجدران، والمواطن متفرجا من بعيد… في مدينته

.كتبه / هشام بوغابة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى