طنجة…مدينة تستيقظ كل صباح على فاجعة جديدة..

طنجة، المدينة التي لطالما وُصفت ببوابة المغرب نحو أوروبا، وجُعلت واجهة سياحية واستثمارية تُسوَّق على أنها عروس الشمال، تعيش اليوم تناقضًا صارخًا بين ما يُروَّج لها في الصور الدعائية وبين ما يعيشه أبناؤها على أرض الواقع. فبينما تغرق الأحياء الشعبية في أزمات متراكمة من بنية تحتية مهترئة، ونفايات متراكمة، واختناق مروري، يجد المواطن نفسه غريبًا في مدينته التي تُزيَّن واجهاتها لاستقبال الزائر وتُهمل أعماقها حيث يسكن أهلها.
إن سوء التدبير وغياب رؤية واضحة للتسيير حوّل كل صباح في طنجة إلى احتمال مواجهة فاجعة جديدة: حادث سير مميت، أو مشاكل اجتماعية، أو انقطاع في خدمات أساسية. ولعل ما يزيد المفارقة قسوة أن هذه المدينة التي كان يفترض أن تكون نموذجًا في التوازن بين التنمية السياحية وحقوق الساكنة، تحولت إلى صورة براقة من الخارج، متآكلة من الداخل.
أمام هذا الواقع المتأزم، لم تعد الترقيعات العابرة أو الوعود الفضفاضة قادرة على إنقاذ طنجة. نحن بحاجة إلى خطوة جريئة، خطوة تكسر جدار الصمت وتعيد للمدينة كرامتها وهويتها. خطوة تبدأ بمحاسبة حقيقية لكل من ساهم في هذا التردي، وتضع مصلحة الساكنة قبل مصالح المقاولات والصفقات. طنجة لا تحتاج إلى المزيد من الشعارات، بل إلى رؤية استراتيجية تُعيد الاعتبار للإنسان قبل الحجر، وللحي الشعبي قبل الواجهة السياحية.
إن الخروج من هذا النفق لا يتحقق إلا بإرادة سياسية صادقة، وإدارة نزيهة، ومجتمع مدني فاعل لا يكتفي بالتنديد بل يضغط من أجل التغيير. طنجة اليوم أمام مفترق طرق: إما أن تستعيد مجدها كمدينة للتعايش والانفتاح والازدهار، وإما أن تتحول إلى واجهة مزيّفة تخفي تحتها جراحًا لا تلتئم.
كتبه/ هشام بوغابة