ظواهر غريبة…دين ام استعراض وهمي

تتكاثر في دروب الأحياء المغربية و في العديد من المواسم المختلفة ظواهر أثارت جدلًا واسعًا بين المواطنين، بين مؤيد ومشكك ورافض، في مجتمع تراجعت فيه الفهوم الحقيقية للمقاصد السامية للدين ،كما عرفت هذه الاخيرة تطورا مهما بتطور تفنيات التواصل الاجتماعي .
ففي كل زاوية من الحارات و الدروب يفاجأ المارة بأصوات الأبواق الصاخبة، بزعم “إخراج الجن” أو “الرقية الشرعية” أو “تفسير الاحلام ” و غيرها من المسميات التي لا تعدو أن تكون وسيلة لتمويه العقول واستقطاب البسطاء. كما تشهد هذه الأماكن ولوج الكثير من الحالات المرضية بطوابير قصد العلاج.
يعتمد أصحاب هذه الممارسات على تقنيات متقنة لإرباك الزائر وإخضاعه، حتى يهيمنوا عليه كليًا فينقاد لهم دون مقاومة. وتعد اللغة “الملتونية”، الممزوجة بحركات الجسد وتعابير الوجه والمراوغة الكلامية و الابحار في اللاوعي الانساني و التأثير و التنويم الإيحائي، إحدى أهم الأدوات و التقنيات. إذ يتم مفاجأة الزائر بتلميحات عن ماضيه أو حاضره، فيجد نفسه مسلوب الإرادة، متقبّلًا هذا العبث وكأنه حقيقة، فيزداد إيمانه بالخرافة ويتعمق انجذابه إليها و لاحول ولاقوة الا بالله .
لكن السؤال الأهم: ماذا فعل الفقهاء ومن نصبوا أنفسهم علماء في الدين، حتى تتفشى هذه الظاهرة يومًا بعد يوم؟ ففي الوقت الذي يجب عليهم فيه إخراج المواطنين من الجهل، يركزون فقط على الفرائض والاختلافات الفقهية، ويغيب عنهم البعد الحقيقي للدين الذي يرفع القلوب والعقول، ويهدي لعبادة صافية، بريئة من التشكيك الذي يشكل خللاً في العقيدة.
إنها ظواهر تكشف هشاشة الوعي في مجتمع ما زال يؤمن بالخرافة أكثر مما يؤمن بالعلم والمعرفة، ويستسلم للوهم بدل أن يستنير بضياء العقل والتجربة. وتظهر الحاجة الملحة إلى توعية المجتمع، وتعليم المواطن القيم الحقيقية للدين، التي تقوده إلى فهمٍ سليم وإيمانٍ متوازن، بعيدًا عن استغلال الجهل والخوف.
هشام بوغابة