دوليسيارات

فاجعة ورش النسيج بطنجة بعيون الصحافة الاسبانية

كما كان منتظرا بصم حادث الورش السري للنسيج بطنجة الذي أودى بحياة 28 عاملا سريا بقوة في وسائل الإعلام الإسبانية بمختلف توجهاتها الإديولوجية.ومن بين أهم الجرائد التي تطرقت إلى هذا الموضوع جريدتا الإسبانيول والباييس.وعلى الرغم من تباين وجهتي نظريهما بخصوص تناول هذا الموضوع إلا أنهما بصفة عامة حاولتا الالتزام بالموضوعية نظرا لهول الكارثة خاصة جريدة الباييس القريبة من الحزب الاشتراكي الحاكم في الجارة الإسبانية.

الحادث والأسباب :

    وأكدت صحيفة الباييس أن 28 شخصا،على الأقل،لقوا مصرعهم صباح الاثنين في ورشة خياطة سرية غيرقانونية في طنجة.فقدغمرت المياه الورش السري الواقع في قبو منزل سكني يعمل فيه 40 شخصًا،بعد هطول أمطارغزيرة في وقت مبكرمن يوم أمس الاثنين،مما تسبب في صعق الضحايا بالكهرباء.كما تم إنقاذ عشرات الضحايا،وفقًا لموقع Le360 الرقمي،وفتح السلطات الإقليمية تحقيقا لتوضيح أسباب الحادث.

    وأوضحت أن مكان الحادث الواقع في حي البرانيس ​​2 قرب مركز المدينة لم يلب المتطلبات الأمنية التي طالبت بها السلطات بحسب عدد من وسائل الإعلام المحلية.وكانت الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة الشمالية للمغرب تسببت في فيضانات في الأحياء الفقيرة بالمدينة،وفي بعض الشوارع،حتى أن المياه غطت نوافذ السيارات،وهو الأمرالذي ربما أدى إلى تعقيد الوضع في الطابق السفلي.

  من جهتها أوضحت صحيفة الإسبانيول أن هناك فرضيتين لهذا الحادث المؤلم:

  الفرضية الأولى:هي أن العمال تعرضوا للصعق بالكهرباء من ثقب ماء دخل الورشة الواقعة في قبو منطقة سكنية.وعلى ما يبدو،فقد تسبب أنبوب الماء في حدوث تماس كهربائي أصاب العمال.

   الفرضية الأخرى،ومع تقدم التحقيقات،تبين أن هذا الحادث القاتل ربما ناتج عن الغرق،حيث الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة الشمالية من المغرب خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية تسببت في فيضانات في جميع الأحياء العشوائية بالمدينة،بحسب ما أفاد سكان المدينة لـوكالة Efe الإسبانية،ويمكن رؤية ذلك في مقاطع الفيديو والصورالمنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي.

    ومن الواضح أن ورشة العمل السرية كانت تحتوي بالفعل على مستويين تحت الأرض.وكان المستوى الأدنى هو أن المأساة كانت أشد خطورة.

    وحتى الآن،تم العثور،إلى حد كتابة المقال،على جثث 18 امرأة وسبعة رجال،فيما نجح عشرة آخرون من رفاقهم في الفرار أحياء وتم نقلهم إلى مستشفى طنجة الجهوي.

    ومن بين القتلى يوجد 6 أفراد من نفس العائلة،حسب شاهد عيان في موقع المأساة الواقع في حي البرانس جنوبي المدينة بجوار الطريق المؤدي إلى الرباط.

تجمع بشري بعد وقوع الحادث بطنجة

  المعامل السرية للنسيج غير المهيكلة تشكل 54 % من النشاط الاقتصادي غير المهيكل :

صحيفة الإسبانيول أوضحت أنه،وفقًا للاتحاد العام للمؤسسات المغربية (CGEM) ،فإن 54 ٪ من أنشطة الجلود والنسيج تمارس فيما يسمى ب “القطاع غير الرسمي”أي القطاع غير المهيكل حيث أحياء كاملة في طنجة تحولت – حسب تعليقات رجل أعمال محلي – إلى سلسلة من الطوابق السفلية المخصصة بشكل غير رسمي لتصنيع المنسوجات والأحذية ومغاسل السيارات،وهي معروفة عند الجميع.كما أن هذه الوحدات السرية لا تتمتع إلى حد ما بأدنى معايير السلامة في العمل،مثل مخارج الطوارئ،أو توفر مطافئ حريق مع تهوية سيئة للمباني.

   وفي تصريح للأستاذ الجامعي وخبير قانون الشغل السيد خالد بوقيش لـوكالة Efe  الإسبانية فإن هناك “سلسلة من التعاقدات السرية “شائعة نسبيًا في قطاع النسيج في المغرب: حيث شركة كبيرة تتعاقد بطريقة سرية على نشاط معين مع شركة أصغر،وهذه الأخيرة بدورها تتعاقد مع شركة أخرى أصغر منها مرة أخرى بطريقة سرية.

   وفي مرحلة ما من مراحل هذه السلسلة،تكون الشركة المتعاقد معهاغيرقانونية وغيرمسجلة في الضرائب،مما يثيرمسؤولية مزدوجة في حالة وقوع حادث أو أعطال بسيطة: أن تكون الشركة التي تؤدي العمل غير قانونية ووضعية العمال غير قانونية.

  وبالنسبة إلى هذا الباحث،لا يوجد عدد كافٍ من ضوابط العمل أو المفتشين لمراقبة الامتثال للقانون في مجالين أساسيين: دفع الضمان الاجتماعي للعمال ودفع الضرائب،وهما أهم إخفاقين الأكثر انتشارًا في القطاع غير المهيكل.

   إذا كان الأمركذلك بالنسبة إلى صحيفة الإسبانيول فإن صحيفة الباييس ترى أن قطاع النسيج هو المصدرالرئيسي للعمالة في البلاد إذ أنه يشغل أكثرمن 190 ألف وظيفة في الائتمان.وبسبب ظروف الوباء تم إجبار العديد من ورش الخياطة التي تم تأسيسها بشكل قانوني في المغرب،حيث يعمل الكثير من الناس في مساحات صغيرة،على تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي،مما يجعل الإنتاج أكثر تكلفة.كما أدى ضعف الطلب على الطلبات في السوق الإسبانية والفرنسية – العملاء الرئيسيون للمغرب – والإجراءات الصحية الملازمة إلى إغلاق بعض رجال الأعمال أوراشهم.

  طنجة تطور اقتصادي هائل ومنافس للجارة الإيبيرية :

  صحيفة الباييس تذهب أبعد من ذلك وترى أن مدينة طنجة شهدت تنمية اقتصادية هامةعلى مدى العقد الماضي لم تشهدها سوى القليل من المدن في القارة الأفريقية،خاصة في الفترة الحالية،حيث المدينة تحولت إلى القوة الاقتصادية الثانية في البلاد،بعد الدار البيضاء. وكان المحرك الرئيسي للتنمية هو تدشين ميناء طنجة المتوسطي،الذي تم افتتاحه في عام 2007 والذي تمكن بالفعل من التنافس على قدم المساواة مع ميناء الجزيرة الخضراء بالجارة الإسبانية في حركة الشحن.ففي عام 2008،تم إحداث وحدة صناعية لمعمل رونو للسيارات وتم خلق 7000 فرصة عمل مباشرة معها؛وفي وقت لاحق،تم إحداث مجموعة PSA Peugeot-Citroën. أما في عام 2018 فقد تم افتتاح خط فائق السرعة يربط طنجة بالدار البيضاء.وفي غضون ذلك،كانت الرافعات تعمل على مدار الساعة خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تغيرت الواجهة البحرية للمدينة وتم بناء عشرات الفنادق المصنفة ضمن خمس نجوم.

   ولكن إلى جانب كل هذا العمل وهذا التطور،ترى الصحيفة،أنه لايزال هناك عدد كبيرمن السكان يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر.واستقبلت مدينة طنجة في هذا الصدد العديد من المهاجرين من المناطق الداخلية للبلاد ولم يتمكن الجميع من العثورعلى عمل لائق.

البحث عن بدائل اقتصادية للمنطقة بعد إغلاق باب سبتة المحتلة :

  وتضيف الجريدة أنه يكفي السفر70 كيلومترًا شرق طنجة،إلى مدينة الفنيدق (كاستييخو سابقًا)،الأقرب إلى سبتة،لنرى كيف أن ضيق الآفاق تجعل جزءًا من السكان في حالة من اليأس.المدن المغربية القريبة من سبتة،مثل الفنيدق وتطوان،لاتعاني فقط من ويلات الوباء ولكن أيضًا من محاربة التهريب إلى إسبانيا،والتي تروج لها الحكومة المغربية منذ أكتوبر 2019،مما تسبب في خروج العشرات من أهالي الفنيدق ليل الجمعة ـ السبت للتظاهر في شوارع المدينة.وتشير الصحيفة أنه،في الوقت الحالي،لا تزال الحدود مع سبتة ومليلية مغلقة بسبب الوباء.ولكن بمجرد فتحها،يمكن أن ينتهي التهريب إلى الأبد.المشكلة هي أنه في الوقت الحاضر،لم تشهد هذه المدن بديلا اقتصاديا ليحل محل عائدات التهريب.ولا يكفي تطوير طنجة، في الوقت الحالي،لتوليد العديد من فرص العمل التي تحتاجها المنطقة الشمالية.

 هكذا إذن بصم هذا الحادث المأوساوي بصمته الواضحة في عيون الصحافة الإسبانية وهي مناسبة توضح بالملموس أن جارتنا الشمالية تتابع حالة تطورالبلاد عن كثب نظرا لقوة المنافسة التي أصبح يشكلها المغرب بالنسبة إليها في مجالات اقتصادية عديدة ومتشعبة.

مصطفى الرواص/ صحافي ( اسبانيا الآن )

تجمع بشري بعد وقوع الحادث بطنجة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى