مدينة طنجة بين سحر الواجهة وشم الشيشة

في قلب طنجة، حيث تتعانق المدينة مع البحر، وتنبسط الأرصفة المزدانة بأضواء السياح ونبض الحياة، تطل علينا “مارينا طنجة” كواجهة حضارية وسياحية تعِدُ بالكثير من الجمال والتنوع. غير أن هذا الجمال يُلطخ اليوم بما يمكن وصفه بـ”الانفلات الأخلاقي العلني”، بعد أن تحوّلت بعض المقاهي إلى أوكار لترويج الشيشة في واضحة النهار، على مرأى ومسمع من الجميع، دون خجل أو رقيب.
أن ترى المارة، من أسر وسياح وشباب، يمرون أمام طاولات تعجّ بقوارير الشيشة، وأدخنة كثيفة تتراقص في الهواء، فذلك مشهد يثير القلق، لا سيما حين يكون المكان وجهة يقصدها كل من زار المدينة، حالمًا بصورة حضارية تعكس رقيها وتاريخها.
كيف يمكن لمقهى يتوسط مارينا طنجة، أن يروج علنًا للشيشة في فضاء مفتوح؟ وكيف يَسمح المسؤولون المحليون بحدوث هذا الأمر في منطقة يُفترض أن تكون خاضعة لمراقبة صارمة، باعتبارها فضاءً سياحيًا حساسًا، يمثل صورة المدينة أمام الزوار والمستثمرين؟
هذا الصمت غير المفهوم من السلطات، يقود إلى تساؤلات مشروعة:
هل نحن أمام تغاضٍ مقصود؟
أم أن هناك مصالح متشابكة تمنح “حصانة غير معلنة” لأصحاب هذه المحلات؟
ليست الشيشة مجرد وسيلة للترفيه كما يسوق لها البعض. إنها بوابة لممارسات أخطر، وإدمان ناعم يسحب الشباب إلى هاوية صحية ونفسية يصعب التراجع عنها. والأسوأ من ذلك، أن تروج في فضاء عام، مفتوح للجميع والمراهقين، دون أدنى ضوابط.
نحن أمام فوضى قيمية تتطلب وقفة مجتمعية جادة. فلا يكفي أن نتغنى بمشاريع الواجهة والحداثة، إن كانت تُستعمل لتغليف ممارسات تشوه المدينة وتدمر أبناءها في العمق.
ولا يجوز أن نقبل بهذا التواطؤ الجماعي على حساب صحة أجيالنا.
إن “مارينا طنجة” تستحق أن تبقى فضاءً للبهجة الراقية، لا ساحة لتطبيع الانحراف باسم الاستثمار.
كتبه / هشام بوغابة