مشاريع عملاقة امام قرى منسية…مواطنون يحتجون بصمت هل نحن خارج حدود الوطن؟

قرية ايت بوكماز (إقليم ازيلال) ليست سوى نموذج صارخ لمعاناة متجذرة في عمق الجغرافيا المنسية، حيث يُترك المواطن في مواجهة الحياة بأدوات بدائية، في ظل دولة تراهن على التقدم الرقمي والمشاريع الكبرى. فكيف نفهم هذا التناقض الصارخ بين ما يُروج له من إنجازات وبين ما يعيشه المواطن في الواقع، خصوصًا في الهامش؟
إن خروج سكان ايت بوكماز في مسيرة سلمية لمسافة 50 كيلومتراً، ليس مجرد احتجاج، بل هو صرخة ، طلب للحد الأدنى من الكرامة الإنسانية: مدرسة، مركز صحي، طريق معبدة،
… أبسط ما يمكن أن يُطلب في مغرب اليوم. لكنها صرخة ستصطدم كسابقتها بصمت عميق، واستخفاف مزمن بقضايا “الناس البسطاء”.
هؤلاء المواطنون لا يطلبون امتيازات، بل حقوقًا دستورية، يضمنها القانون وتقر بها الخطب الرسمية، لكن غياب التنفيذ يُحوّل كل خطاب إلى مجرد حبر على ورق، ويُفقد الثقة في المؤسسات.
فمن المسؤول؟ هل هي الجماعة المحلية التي لا تملك سوى إمكانيات محدودة؟ أم المجلس الإقليمي؟ أم وزارات الوصاية؟ أم أن المسؤولية أصبحت ضبابية لدرجة أن الجميع يتهرب منها؟
إن التحديات اليومية التي يواجهها سكان المناطق القروية لم تعد تحتمل المزيد من التسويف، فالهشاشة لا تتعلق فقط بالبنية التحتية، بل أصبحت تهدد بنية المجتمع نفسه: التعليم مهدد، الصحة غائبة، الهجرة الداخلية تتفاقم، والفجوة بين المركز والهامش تتسع.
ختامًا، إن ما يحدث في ايت بوكماز، وفي عشرات القرى مثلها، يجب أن يكون ناقوس خطر يدق في كل المؤسسات المعنية، لا لتوزيع الاتهامات، بل لتحمل المسؤوليات، قبل أن تصبح هوة الثقة بين الدولة ومواطنيها عصيّة على الردم.
هشام بوغابة