جهويوطني

مندوبية التخطيط…الفقر المدقع في المغرب… صور صارخة لواقع صامت

 
رغم الجهود الرسمية لمكافحة الفقر والهشاشة، ما زالت مظاهر الحرمان المطلق تطفو إلى السطح في عدد من مناطق المغرب، لتكشف واقعًا صادمًا يلامس أبسط حقوق الإنسان في العيش الكريم.
*في القرى الجبلية النائية، خاصة بالأطلس الكبير والمتوسط والريف، ما زالت أسر تقطن في أكواخ من الطين أو الزنك، بلا ماء صالح للشرب ولا كهرباء. يعتمد السكان على الحطب للتدفئة والطهي، فيما يضطرون لقطع ساعات طويلة يوميًا بحثًا عن قطرة ماء. سوء التغذية بين الأطفال حاضر بقوة، ويظهر في ضعف البنية الجسدية ونقص الحديد والبروتينات.
*في قلب المدن الكبرى، مشاهد البؤس لا تقل حدة؛ أحياء الصفيح والبراريك ما تزال تحتضن آلاف الأسر التي تضطر للتكدس داخل غرفة واحدة أو براكة من الزنك والكرتون، في غياب شبكات الصرف الصحي. الروائح الكريهة والأمراض الجلدية والتنفسية أصبحت جزءًا من الحياة اليومية. أطفال كُثر يُجبرون على ترك مقاعد الدراسة للتسول أو بيع المناديل أو تنظيف السيارات.
*في مناطق الواحات والبوادي الجافة مثل درعة وزاكورة وتنغير، يزداد المشهد قتامة؛ صهاريج متنقلة تزور القرى مرة كل أسبوع لتوزيع ماء بالكاد يكفي للشرب، بينما يظل الخبز والشاي الغذاء اليومي الرئيسي للسكان، في غياب شبه تام للفواكه واللحوم. أمام هذا الواقع، لا يجد الشباب بديلًا سوى الهجرة القسرية نحو المدن أو الخارج.
*القطاع الصحي بدوره يكشف وجهًا آخر للفقر المدقع؛ نساء حوامل يقطعن عشرات الكيلومترات على ظهور الدواب للوصول إلى أقرب مستوصف، وأطفال يفقدون حياتهم بسبب أمراض بسيطة كالالتهاب الرئوي أو الإسهال، في ظل غياب الأدوية والإمكانيات.
*أما المظاهر الفردية في الشارع، فهي الأكثر قسوة وإيلامًا: مسنون ومرضى يفترشون الأرض أمام المساجد والأسواق طلبًا للصدقة، وآخرون يبحثون عن الطعام في حاويات النفايات بالدار البيضاء والرباط وطنجة.

هذه الصور ليست مجرد حوادث متفرقة، بل تمثل “جيوب فقر” واضحة المعالم، تؤكد أن الفقر المدقع ما زال حاضرًا في المغرب، رغم أنه لا يغطي كل التراب الوطني. إنها مشاهد تعكس الفجوة العميقة بين الأرقام الرسمية لمندوبية التخطيط والواقع الميداني، وتطرح بإلحاح سؤال العدالة الاجتماعية وكرامة المواطن.

هشام بوغابة 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى