ين الرفض والتسليم: نقاش هادئ حول التراث وضرورات المراجعة/ في مهرجان تويزا

في أجواء هادئة سادها الاحترام وتقبّل الآخر، دار نقاش فكري غني بين مفكرين من مدارس مختلفة جذريًا، لكن ما جمعهم لم يكن الإجماع بل الاختلاف البناء، حيث شكّل “الآخر” — كفكرة ومفهوم — نقطة اختبار أساسية، إذ غالبًا ما يتحول إلى موضع إقصاء ورفض، نتيجة غياب المعرفة الحقيقية وتدني الثقافة التي تُعد البوصلة الحقيقية للحضارات.
النقاش تمحور حول الموروث الفقهي والديني، وتقاطع فيه ثلاثة توجهات رئيسية:
• الرفض الجذري للموروث، كما عبّر عنه المفكر التونسي يوسف الصديق، الذي شدّد على ضرورة إعادة قراءة القرآن من منطلقات جديدة، مؤكدًا أننا لم نفهمه بعد، كما جاء في كتابه المعروف.
• التشكيك الجزئي والميل إلى القراءة الصوفية، وهو موقف الباحث المصباحي، الذي لم يخفِ معارضته لمقاربة الصديق، وفضّل التأويل الروحي العميق للنص.
• محاولة التدارك والبحث عن مقاربة وسطية، جاءت عبر مداخلات بعض الحضور الذين نادوا بضرورة إعادة النظر في التراث، خاصة أنه تراث بشري متغير، يتأثر بالأوطان والسياسات والسياقات.
ما ميّز النقاش هو توازن الآراء رغم التباين، وطرح سؤال جوهري:
هل يمكن توحيد التراث وتوظيفه كنقطة قوة بدل أن يظل مصدر ضعف وتمزق؟
وقد بدا هذا التساؤل ملحًّا أمام خذلان الأمة الإسلامية لفلسطين، حيث بدا الفصام بين النصوص والمواقف جليًا، وكأن التراث أصبح أداة تجميد بدل أن يكون أداة وعي وحياة.
بعض المداخلات كانت استفزازية بالمفهوم الإيجابي، إذ دفعتنا للتفكير وإعمال العقل، بعيدًا عن منطق التسليم الأعمى أو الرفض المطلق. في النهاية، يبدو أن السبيل الوحيد للخروج من حالة “الغثاء” التي وصفنا بها النبي صلى الله عليه وسلم، هو إحياء ملكة التفكير والنقد الذاتي. فالحال لا يتغير إلا حين نُعيد طرح الأسئلة الصحيحة، ونفكك ما ورثناه بجرأة المحبة، لا بعداء القطيعة.
مراسلة / هشام بوغابة

الجمعة 26 يوليوز مهرجان تويزا